هل صحيح أن حماس تسير على خطى المنظمة؟
بقلم: عصام شاور
كتب الدكتور عبد الستار قاسم مقالًا من جزءين بعنوان: "حماس وخطى
منظمة التحرير"، ولأنني وجدت فيه ظلمًا كبيرًا لمن اختاروا خط المقاومة في فلسطين
(وليس دفاعًا عن حركة حماس كما يعتقد بعض)، ولأن للدكتور قاسم مكانة مميزة في قلوب
أنصار الخط المقاوم؛ ارتأيت الرد على ما كتبه أملًا في أن يراجع نفسه، وأن يبين للناس
أنه أخطأ؛ حتى لا يصبح مقاله حجة على المقاومة لمن هم ضدها أصلًا أو ممن يأخذون عن
د.قاسم دون تفكير.
الملاحظة الأولى على المقال أن جزأه الأول كتب عام 2008م، أما جزأه الثاني
فكتب عام 2015م، والرابط بينهما هو انتقاد د.قاسم للمبادرات السياسية والحراك الدبلوماسي
اللذين تشارك فيهما حماس، وهنا وقع قاسم بأخطاء متعددة إذ شبه مبادرة الهدنة بمبادرات
منظمة التحرير الفلسطينية المتتالية، ولكن يكفي أن نقول هنا: إن مبادرات منظمة التحرير
تناقضت مع أسباب وجودها، فهي وجدت لتحرير المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948م، وفي
مبادراتها تنازلت عنها تنازلًا مطلقًا، أما حماس فأكدت أنها مستعدة لتهدئة محدودة زمانًا،
دون اعتراف بشرعية الاحتلال على أي شبر من فلسطين، مع احتفاظ الأجيال بحق المقاومة
وطرد المحتل من الأراضي الفلسطينية كافة، وكان لابد لحماس أن تحدد هدفًا سياسيًّا قابلًا
للتحقيق بالتوازي مع مقاومتها، وإلا فقدت قدرتها على الاستمرار.
أما في الجزء الثاني الذي نشره الدكتور قاسم قبل أيام فكان اعتراضه على
الجهود السياسية التي تبذلها حماس في سبيل تثبيت وقف إطلاق النار، مقابل رفع الحصار
عن غزة وغيره من أهداف، وقد صور الأمر أنه مفاوضات من اأجل إقامة دولة أو كيان في غزة،
وهذا خطأ لا أدري كيف وقع فيه من هو بمكانة الدكتور قاسم.
ولكن إذا عرفنا واقتنعنا بأن الأسباب التي ذكرها د.قاسم لا تصلح للاستدلال
على أن حماس تسير على خطى المنظمة؛ فما هي البواعث الحقيقية للطعن في المقاومة، وخاصة
أن د.قاسم طيلة السنوات الماضية كان يشيد بالمقاومة وحركة حماس حتى قبل أيام من أخبار
مفاوضات مشعل وبلير؟
تفسيري الوحيد للأمر هو أن عام 2008م كان عام الهجوم على الفصائل الفلسطينية
كلها حتى حماس ووضعها في سلة واحدة بسبب الانقسام، وقد كان من بين من شن الهجوم إسلاميون
مؤيدون لحماس ومستقلون من مناصري المقاومة، هؤلاء أرادوا أن يظهروا بمظهر المثاليين
المصطفين مع الشعب وحده فقط حتى على حساب فصائل المقاومة، أما الهجمة الثانية على المقاومة
فكانت هذا العام، ولكن الدوافع الحقيقية مختلفة، وقد رأينا كيف تهجم د.قاسم على تركيا
وقطر والسعودية، ولكنه في الوقت نفسه أشاد بما كان يسمى "محور الممانعة"
(محور المقاومة)، وقد يكون السبب نفسه مفسرًا لهجوم أخف وطأة شنه الكاتب الصحفي عبد
الباري عطوان.
في الختام نذكر الجميع بأن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بالكيان العبري،
وكانت تجلس على طاولة المفاوضات بعد ربع قرن من تأسيسها، أما حماس فكانت تخوض أشرس
معركة مع المحتل بعد المدة نفسها، وقد شهد قاسم نفسه بأن العصف المأكول غيرت كل المعادلات،
وأثبتت أن الشعب الفلسطيني يمكنه الانتصار على الاحتلال.
المصدر: فلسطين أون لاين