القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

هي أزمة "دولة حاتم" لا أزمة مصر و(حماس)

هي أزمة "دولة حاتم" لا أزمة مصر و(حماس)

بقلم: أحمد الحاج / كاتب فلسطيني

أصل الحكاية، وكل حكاية في مصر، هو غياب الدميقراطية. فحين يحكم العسكر بصورة مباشرة، إنما يحكم بقوته العارية، خارج الصندوق الانتخابي. يعوّض عن غياب شرعيته الشعبية، بشرعية خارجية، أقرب إلى الاستجداء. يظن أنها تستطيع المحافظة على استمراريته في السلطة، مثلما أوصلته إليها. ينطبق ذلك على اتهام وزير الداخلية المصري بضلوع حركة حماس بقتل النائب العام هشام بركات.

هكذا هي ما اصطُلح عليها بـ "دولة حاتم" (أمين الشرطة في فيلم "هيّ فوضى"). تحتجز أكثر من 40 ألف معتقل، ثم تجثم على ركبتيها أمام "أثيوبيا"في قضية بحجم عطش مصر ووجودها؛ قضية سد النهضة. يعرف النظام المصري الجديد، أن أكثر المتحمسين لانقلابه، يخجلون من تأييده علناً.

لجأ إلى (إسرائيل) منذ اللحظات الأولى لاختراق هذا الجدار. قبض على الرئيس المنتخب محمد مرسي بذريعة التخابر مع (حماس). واتهم الأخيرة بأنها من هرّبت السجناء أثناء ثورة يناير، التي لا يعترف بها النظام الجديد.

تدمير أكثر من ألف نفق، هي الرئة التي يتنفس بها مليون شخص في قطاع غزة. وإغراق أنفاق بالمياه، وشهداء كثر جرّاء هذه الفعلة. إدراج كتائب القسام على لائحة الإرهاب، ثم حركة (حماس). اختطاف أربعة قساميين كانوا عائدين من أداء العمرة، وقد خرجوا بموافقة مصرية، إنها بلطجة دولة. جرى كل ذلك قبل اغتيال النائب العام هشام بركات.

تقرير الأمم المتحدة يشير إلى أن مصر هي الدولة قبل الأخيرة في جودة التعليم في العالم. ولا يأتي التقرير على مئات العلماء المسجونين في سجن "العقرب". هو نظام يدمّر مدرسة ليبني سجناً. تكثر الأزمات الداخلية فيعيد النظام العسكري السفير المصري إلى تل أبيب.

وإذا كان ذلك حصل، فلماذا لا تحكم محاكم دولية بغرامة على مصر بـ 1.76 مليار دولار لصالح (إسرائيل) في قضية تصدير غاز؟ ثم وافق الاحتلال على إمداد مصر بالغاز. بعدها بأيام كانت عناصر من الجيش المصري تقتل مختلاً عقلياً عند حدود مصر مع غزة.

"دولة حاتم" غارقة في الأزمات، من أزمة تراجع إيرادات قناة السويس، وأزمة المديونية (2 تريليون جنيه)، إلى الانتقادات الدولية بشأن غياب حقوق الإنسان، وتصاعد الأصوات الداخلية التي تنتقد تغوّل الشرطة والعسكر على المجال العام، وصولاً إلى تراجع الدعم الخليجي للنظام الحاكم، بسبب سياساته في اليمن وسورية وغيرها، وتراجع أسعار النفط.

كل هذه الأزمات خلقت نقمة عارمة في الشارع المصري تجلّت بإضرابات وتظاهرات، كان أكبرها الاحتجاجات المتواصلة للأطباء المصريين. حاول النظام دفع هذه النقمة بالقمع، فاشتعل الشارع.

واعتمد أيضاً التخدير بالوعود التي لا تتوقف، مثل: إيرادات قنوات السويس التي ستبلغ 100 مليار دولار حسب زعمه، فإذا هي تتراجع عما قبل. وأصابع الكفتة التي ستشفي من الإيدز، وتدرّ ربحاً على مصر تفوق إيرادات النفط في الخليج.

حاول أيضاً دفع الأزمات باختلاق أزمات أخرى تحرف الأنظار، مثل فضائح فنانين، وإسقاط عضوية نواب. وأخيراً الاتهام الموجّه إلى حركة (حماس) باغتيال النائب العام.

إن مشكلة النظام الحالي في مصر، ليست مع (حماس)، بل مع انتشار الفساد الذي يعيق التنمية،وتسييس القضاء الذي يعرقل مسار العدالة، ومع تسلّط بعض العسكر الذي يمنع نشوء دولة مدنية. هي أزمة "دولة حاتم" التي تحاول تصدير أزماتها.