واقع اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان
رضوان الأخرس
ذكر تقرير لصحيفة
الأخبار اللبنانية مطلع العام الحالي أن عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان لم يسجل
أي نموّ في السنوات العشر الأخيرة، بل إن عددهم تناقص من نحو 3.617 مليون نسمة في نهاية
عام 2007 إلى نحو 3.546 مليون نسمة في العام الماضي. في الفترة نفسها، بلغ رصيد الولادات
والوفيات المُسجّلة بين اللبنانيين نحو 633.413 شخصاً.
أي إن معدّل النموّ
الطبيعي (من دون احتساب الهجرة الخارجية) كان يجب أن يزيد عدد اللبنانيين المقيمين
إلى نحو 4.179 مليون نسمة، إلا أن نحو 718.584 لبنانياً هاجروا من لبنان في هذه الفترة،
بمتوسط 72 ألف مهاجر كل سنة، وهو ما لم يعرفه لبنان في تاريخه.
في المقابل، فإن
أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي الأخرى تناقصت بشكل كبير خلال السنوات الماضية،
ويبلغ تعدادهم حسب إحصاءات رسمية صدرت في ٢٠١٧، حوالي ١٧٥ ألفاً يعيشون في ١٢ مخيماً،
و١٥٦ تجمعاً سكنياً.
شهد لبنان في السنوات
العشر الأخيرة استقراراً أمنياً وسياسياً على خلاف السنوات السابقة، كما أفادت العديد
من التقارير والإحصائيات بأن عدد المهاجرين اللبنانيين أكثر من عدد المقيمين داخلها.
من الواضح أن اللبناني،
كما الفلسطيني، يهاجر من لبنان بسبب العديد من العوامل، لسنا في إطار معالجتها ولا
الخوض في تفاصيلها، إلا أن اللاجئ الفلسطيني يعيش تهميشاً غير عادي في لبنان، ويتعرّض
لموجة عنصرية أسوة باللاجئين من سوريا، في بلد ليس غريباً عنه الاغتراب، ولا الهجرة
في البلدان الأخرى.
فاللبنانيون اقترعوا
في أكثر من ٤٠ دولة خلال الانتخابات الأخيرة، ويوجد توجه لترشيح عدد من النواب للبرلمان
اللبناني من الخارج لتمثيل اللبنانيين المقيمين في الشتات.
ويشكل اللبنانيون
مجتمعاتهم الخاصة في الدول الغربية، كما العربية، خصوصاً الخليجية منها، وتشير بعض
التقديرات إلى أن عدد اللبنانيين القاطنين في السعودية حوالي ٣٥٠ ألفاً، وهو ما يعادل
تقريباً ضعف عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان منذ النكبة.
المهاجرون في العديد
من بلدان العالم بعد سنوات من هجرتهم قد يحصلون على جوازات سفر البلدان المضيفة، وامتيازات
كاملة، كما لو كانوا من أبناء تلك البلدان الأصليين، وإن كانت لا تربطهم أية علاقة
سابقة بتلك البلدان من عرق، أو لغة، أو مصاهرة، أو دين، إلا أن الفلسطينيين في لبنان
محرومون من العمل في عشرات الوظائف، ولا يُسمح لهم بالتملك، ويعيشون أوضاعاً صعبة للغاية،
وبطالة مرتفعة، وفقراً وتهميشاً.
ذكرت صحيفة
"دير شتاندارد" النمساوية أن الفلسطينيين في لبنان محرومون من العمل في
٣٩ وظيفة، من بينها الطب، والمحاماة، والهندسة، وكان وما زال المبرر للعديد من الإجراءات
حمايتهم من التوطين، بينما ما يجري فعلياً يدفعهم للرحيل إلى أماكن أخرى وإفراغ المخيمات
الفلسطينية بما يخدم مخطط تفتيت التكتلات الفلسطينية، ويخدم مخطط تصفية القضية الفلسطينية،
بما فيها قضية اللاجئين، وحق العودة، ضمن ما يعرف باسم صفقة القرن.
البديل عن التوطين
هو إعادة اللاجئين إلى بلادهم فلسطين، وليس التهميش والإقصاء، وليس القتل البطيء، وليس
محاربة الفلسطينيين في لقمة عيشهم وقوت أبنائهم، وحراك اليوم في المخيمات الفلسطينية
لا يتعلّق فقط بقرارات وزير العمل التي يرى فيها اللاجئون استهدافاً لهم، بل يعود لكل
السياسات السابقة.
القهر كان وما
زال من أكثر الأمور التي شكّلت شخصية الفلسطيني، فليتوقف العبث ولتتوقف العنصرية، لأنها
نار إن امتدت أحرقت الأخضر واليابس، وهو ما يجب أن يتداركه العقلاء مبكراً، وأظن أن
الكثير من اللبنانيين –والفلسطينيين- يدركون ذلك، ولكن الإدراك يجب أن يصحبه عمل.