القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

واقع مخيم نهر البارد اليوم

واقع مخيم نهر البارد اليوم

وسام محمد- طرابلس

دمارٌ وخراب وأنقاض هكذا هو المشهد في مخيم نهر البارد شمال لبنان، فلا أزقة في المخيم ولا "حارات" والأهالييتأملون أنقاض منازلهم، لعلهم يستذكرون بعضًا من ذاكرتهم التي سلبت منهم مع حرب أيار 2007.

أم إبراهيم امرأة في السبعينات من عمرها تبكي وتصرخ على أطلال منزلها المهدم كل يوم على أمل أن تصل دموعها للمعنيين كما تقول، لكن المعنيين وبحسب أم ابراهيم لا تكفيهم أنهار من الدموع ولا سنوات من المعاناة والتشرد بين الشوارع.

خمسة وستون عامًا وما زال الفلسطينييون في مختلف أماكن تواجدهم يدفعون ضربية اللجوء المفروض عليهم ، وما زالوا لاجئين في مخيمات آوتهم منذ نكبتهم ينتظرون العودة، لكن المخيم نفسه سُلِبَ منهمقبل عودتهم، ففي العشرين من أيار عام 2007 ، تعرض مخيم نهر البارد لحرب شرسة بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" الذي سيطر على المخيم قبل حين, لينتهي المطاف بتدمير المخيم بالكامل وتهجير أهله، في ذلك الوقت أخذت الحكومة اللبنانية على نفسها عهدًا بإعادة إعمار المخيم وعودة أهله إليه فور انتهاء الحرب، واليوم وبعد عدة سنوات من انتهاء الحرب لم تتحقق الوعود.

أم إبراهيم، امرأة عجوز ولدت في فلسطين و عاشت في أزقة المخيم وترعرعت فيه وتزوجت من أحد أبناء المخيم لتنجب بعدها إثني عشر طفلًا ومنهم 59 حفيدًا ، عاشوا في بيت واحد من 4 طوابق في المخيم بحياة بسيطة جميلة لكن ذلك التاريخ لم يبقِ لهم من بيتهم سوى بعض الأطلال المدمرة.

أم إبراهيم تبكي وتقول :" لقد تعذبنا عذابًا أليمًا خلال السنوات الست الماضية فسكنا في المدارس ثم انتقلنا إلى بيوت حديدية "بركسات" أقامتها الأنروا لتأوينا ريثما يعاد إعمار بيتنا،واليوم لم نرَ بيتنا بعد، فماذا ينتظرون ؟

أينتظرون أن نموت جميعًا ؟ أم ينتظرون أن نعود لفلسطين ؟"، وتصمت الحاجة قليلًا وتتذكر فلسطين بلدها وقريتها وتقول: بديش هالبيت رجعوني على فلسطين وما بدي ابقى بنهر البارد ، أو خلونا احنا نعمر حتى نخلص إعمار المخيم بشهر واحد وبكفي اهانة "وتتابع أم ابراهيم وتتساءل" شو عم يعمرو المريخ ؟ لو عم يعمرو المريخ كانوا خلصو؟!".

أما تفاصيل التأخير و أسباب ذلك فيعطينا إياها محمد عبد العال مدير مشروع إعادة إعمار المخيم فيقول:" تأكيدًا منا على إنهاء معاناة أهالي المخيم حاولنا جاهدين لننهي الملف بأسرع وقت ممكن إلا أن هناك أسبابًا خارجة عن سيطرتنا تمنع حصول ذلك.

فنحن وجدنا لخدمة اللاجئين الفلسطينيين وبناءً على مؤتمر فينا تم توكيل مهمة الإعمار إلى الأنروا على أن تؤمن الدولة اللبنانية والأنروا الأموال اللازمة لذلك من الدول المانحة.

ويتابع عبد العال ويقول:" هناك مشكلتان أساسيتان في الإعمار الأولى الأموال والثانية الموافقة على تصاميم البيوت، وهاتان المشكلتان عوقتا مشروع الإعمار فالبيت الواحد يتطلب موافقة أهل البيت على التصميم وعلى المساحة لأن هناك تغييرًا في التصاميم نسبة لبيوتهم قبل الحرب إضافة إلى ذلك صغر مساحتها مقارنة أيضًا بما كان قبل الحرب، وبعد هذه الموافقة لا بد من الحصول على موافقة استشاري الحكومة والتنظيم المدني بالإضافة إلى مدير الآثار لنبدأ بالمناقصة, هذا كله يحتاج لوقت طويل لم يتوقعه الأهالي.

مهما كانت المبررات فمن غير المقبول أن يبقى الأهالي تحت المطر وفي العراء ومن غير المقبول أن يكون الإعمار بهذا البطء فهو أشبه بسير السلحفاة كما يقول الشيخ محمود أبو شقير أحد فعاليات المخيم, مضيفًا أن هذا التأخير أفقد الأمل عند الأهالي وهذا ليس مقبولًا بأي شكل من الأشكال.

ويتابع قوله بعد إجراء عملية حسابية سريعة بعقله ويقول:" بعد ست سنوات لم ينتهِ سوى 20% من الإعمار فهل سننتظر 30 سنة أخرى حتى يعمر المخيم بالكامل ويعود الأهالي ؟".

وأضاف أن إعادة الأعمار كان من المتوقع أن ينتهي خلال سنتين وبعد ست سنوات لم يتحقق الهدف بل فشل, وقال أبو شقير إن الأهالي لديهم هاجس وخوف حقيقي أن يتوقف الإعمار ويذهب المخيم إلى المجهول على الرغم من عمل الأنروا وانجازها إلا أنها ما زالت مقصرة وتتحمل هي والدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية المسؤولية في التأخير وعليهم رفع الصوت عاليًا لجلب الأموال والضغط على الدول المانحة للحصول على التزاماتهم التي قطعوها عليهم".

المصدر: البراق، عدد حزيران 2013