وبدأ الزحف على فلسطين
كتب أ. عبد العزيز كحيل
إنّ ما سبق يدعونا لاستجابة جماهيرية مُزلزلة في يوم الزحف الثاني المقرّر في 5/6/2011 على جميع حدود فلسطين وداخل الأرض المحتلّة لاستئناف عصر الانتفاضة المباركة التي أطلق شرارتها الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وتفاعلت معها جميع القوى الفلسطينية المجاهدة وكادت تزلزل العدوّ لولا انسياق السلطة وراء خيارات خاطئة أجهضت الانتفاضة وأنقذت الكيان الصهيوني ، ولن تسمح اليقظة العربية بسلوك مثل هذه الدروب الملتوية مرّة أخرى، ولن ترضى سوى باسترداد الحقّ المغتصب رغم أنف اليهود المعتدين وأمريكا المتغطرسة ودعاة التطبيع المجّاني من بني جلدتنا ...
عندما أطلق الشباب حملة على الفيس بوك للزحف على فلسطين في ذكرى النكبة قابل المنهزمون نفسيّاً و"المطبّعون" ذلك بالاستخفاف والسخريّة، في حين رأى أنصار القضيّة المصطلون بنارها أنّ الظروف الّتي أوجدتها الثورات العربيّة المباركة سانحة لمثل هذا التحرّك الجريء كشكل مبتكر من أشكال المقاومة وتجديد التصميم على التمسّك بالوطن السليب وحقّ العودة إلى الديار المغتصبة ومراغمة الصهاينة المحتلّين الغاصبين وإكراههم إكراها على التنازل وتطليق الغطرسة والتجبّر.
لقد فهم الشباب أنّ رياح الحريّة الّتي انطلقت من تونس ومصر ستعطي دفعاً قويّاً للقضيّة الفلسطينيّة بتحريرها لإرادة الأمّة فاتحةً بذلك مرحلةً جديدة من الصراع مع العدوّ الصهيونيّ، وقد لبّت الجماهير العربيّة نداء الزحف بصورة ملفتة للأنظار رغم أنّ الساحة المصريّة مازالت غير مهيّأة لهذه المبادرة، كما أن الأردن متأخّر سياسيّاً ولم يعد بعدُ طرفاً إيجابياً في مقاومة العدوان الصهيونيّ، إلى جانب ما تعانيه البلاد العربية الأخرى من تقييد للحريات من جهة وسعي معلن أو متستّر للتطبيع مع الصهاينة من جهة أخرى، لكنّها بداية واعدة سبّبت إرباكاً كبيراً للدولة العبرية وللإدارة الأمريكيّة وللأنظمة العربيّة المتخاذلة وخاصّةً من يزعم منها أنّه رفع لواء المقاومة والممانعة.
إنّ انتفاضة الأمّة يوم 17 – 05 – 2011 تعتبر استفاقةً حقيقيّةً للجماهير العربيّة ومرحلةً جديدة في الصراع مع العدوّ الصهيونيّ، كلّها جدّ وإيجابيّة ووعي بالمعطيات الجديدة ونقاط القوّة والضعف عند أطراف الصراع الدائرة رحاه منذ أكثر من ستّين سنةً، تقول هذه الصحوة الثانية: لنا الحياة ولأعدائنا الموت، وتؤكّد أنّ الدولة العبريّة المجرمة إلى زوال بينما حقّنا باق ومنتصر إن شاء الله، بمثل هذا العنفوان جاءت ذكرى النكبة هذه السنّة بنكهة مختلفة ، إذ شَعَرنا بالأمل بدل الإحباط ،وبانطلاق القضيّة الفلسطينيّة نحو الحلّ بدل المراوحة واللفّ والتراجع الّذي عهدناه منذ أحقاب من الزمن، كيف لا والجماهير العربيّة قد زال عنها الخوف من الصهاينة المتجبّرين وتيقّنت أنّ الكيان المحتلّ ستُطوى أعلامه، ويبقى الحافز الأكبر والعامل الحاسم في صالح القضيّة هو امتداد الثورات العربيّة طولاً وعرضاً وتجذّرها في العمق لتضمن انتصار الخيارات العربيّة المستجدّة.
لقد أثبتت الهبّة المباركة أنّ الشعوب المتمسّكة بالقضيّة الفلسطينيّة والمتحمّسة للمنازلة الحتميّة مع العدوّ أصبحت أقوى من الأنظمة العربيّة المهترئة ومن الكيان الغاصب المتبجّح بدعاوى التفوّق العسكريّ والسياسيّ والحضاري، إلى درجة أنّ هذه الشعوب الّتي أسلمت قوادها للشباب الواعي قد انتقلت من موقع التفرّج والانسحاب إلى مواقع متقدّمة في محاصرة العدوّ الصهيونيّ وإحراج حلفائه من الحكّام العرب الّذين مازالت الثورة لم تطح بعروشهم، ومن الواضح أنّ المصالحة الفلسطينيّة الفتيّة قد فجّرت مشاعر العرب والمسلمين في ذكرى النكبة وشحذت هممهم وأمدّتهم بروح جديدة جعلتهم يرون النصر رأي العين، لأنّ ساحة المنازلة لم تعد القاعات المغلقة ولا الأبراج العاجيّة وإنّما هي حدود فلسطين المحتلّة من جميع الجهات ،لذلك يجب مواصلة الحركة الشعبيّة وتقويّتها من أجل شنّ حرب نفسيّة قويّة متواصلة تستهدف الصهاينة حتّى لا ينعموا بأهمّ عنصر عندهم وهو الأمن، وذلك من خلال تطويقه بالمظاهرات والمسيرات والزحف المليونيّ الهادر الذي يوقظ النائم ويذكّر الناسي ويؤكّد للرأي العامّ العالمي أنّ العرب لم يفرّطوا و لن يتنازلوا عن حقّهم وأنّ ما أبرمه المفاوض الفلسطيني من اتّفاقات مجحفة في أوسلو وغيرها قد تجاوزه الزمن وأنّ الكلمة عادت للشعوب وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني في الضفّة وغزّة وداخل الخطّ الأخضر وفي الشتات ، ولن تسكت هذه الشعوب بعد اليوم.
إنّ ما سبق يدعونا لاستجابة جماهيرية مُزلزلة في يوم الزحف الثاني المقرّر في 5/6/2011 على جميع حدود فلسطين وداخل الأرض المحتلّة لاستئناف عصر الانتفاضة المباركة التي أطلق شرارتها الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وتفاعلت معها جميع القوى الفلسطينية المجاهدة وكادت تزلزل العدوّ لولا انسياق السلطة وراء خيارات خاطئة أجهضت الانتفاضة وأنقذت الكيان الصهيوني ، ولن تسمح اليقظة العربية بسلوك مثل هذه الدروب الملتوية مرّة أخرى، ولن ترضى سوى باسترداد الحقّ المغتصب رغم أنف اليهود المعتدين وأمريكا المتغطرسة ودعاة التطبيع المجّاني من بني جلدتنا ، والقّ هو تحرير الأرض وعودة اللاجئين ورفع الراية الفلسطينية دون سواها على بيت المقدس المحرّرة والموحّدة.
أهذه أحلام يقظة كما يسخر " الواقعيّون" لكن ، من قال إنّ الجزائر ستتحرّر بعد أن ضمّتها فرنسا إليها واعتبرتها جزءا من أراضيها ؟
ومن قال إنّ الأفغان الضعاف الفقراء يهزمون جحافل الاتحاد السوفييتي المدجّجة بالسلاح الجهنّمي ؟
ومن ينسى تمريغ فييتنام لأنف أمريكا " التي لا تُهزم" ؟
وإذا كان الصهاينة معهم سلاح أمريكا ومالُها وحقُّ نقضها فإنّنا – نحن – معنا الله تعالى ومعنا شعوب حيّة تملك مقدّرات ضخمة آن أوان استخدامها لتحرير فلسطين بدل وضعها في خدمة العروش الهزيلة وصناديق المال الغربية، وبناء على ذلك فإنّ شبابنا الواعي المتحمّس مدعوٌّ لمزيد من الضغط المنهجي على خطّين متلازمين هما الكيان الصهيوني حتّى يرتدع، والأنظمة العربية حتّى تفكّ ارتباطها بالعدوّ وتُقلع عن محاصرة القضية الفلسطينية وخيار المقاومة والصمود، حينها يبدأ الزحف النهائي لاستعادة الأراضي العربية المحتلّة ورفع راية التوحيد خفّاقة على المسجد الأقصى المبارك.
كاتب جزائري - موقع "قاوم"