وجع النكبة يتجدد
بقلم: خالد معالي
تشكل النكبة الفلسطينية في ذكراها أل 66؛ وجعا
وألما يستفز كل فلسطيني؛ فصور العذاب والانتقاص من كرامة الإنسان الفلسطيني
وإذلاله تتجدد كل يوم بصور شتى؛ وسط التدمير والخراب والممارسات العدوانية الشرسة؛
من تهويد للقدس والضفة الغربية، وحصار لغزة، وملاحقة الفلسطيني أينما حل في دول
العالم؛ حيث بات الوجع والألم واحد للفلسطينيين؛ أينما حلوا وارتحلوا وشتتوا في
المنافي.
صار ملحا بعد 66 عاما من النكبة؛ مقاومة ثقافة
الهزيمة ومروجيها؛ وهذا أمر ضروري ولا يقل أهمية عن مقاومة المحتل؛ فمن طرد المحتل
من جنوب لنبان وقطاع غزة قادر على طرده لاحقا من جميع الأرض الفلسطينية؛ رغم انف
أصحاب فكر الهزيمة والاستسلام ورفع الراية البيضاء؛ فمن كان يظن يوما أن
الفلسطينيين سينجحون يوما ما؛ في دك أقوى حصن للاحتلال وقلب دولته؛ بالصواريخ؟!
راح "نتنياهو" المعروف بعجرفته
المعروفة وسط احتفاله بإعلان دولته؛ يقول للفلسطينيين: ستبقون تجترون مآسيكم ما
دامت يدنا هي العليا، ولن ينفعكم البكاء ولا العويل ولا الذكريات الأليمة، وسأواصل
تهويد القدس وطرد سكانها، وتهويد الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات،
وسأجدد نكبتكم وأجعلها نكبات متتالية، فالقوة معي وانتم الضعفاء.
ظن الاحتلال أن ألآباء يموتون والأبناء ينسون؛
ولكن نقول له انه صحيح أن الآباء يموتون؛ ولكن الأبناء والأحفاد يواصلون مشوار حق
العودة والتحرير - على رغم بطئه - ولا ينسون ما حل بوطنهم المنكوب.
الشعوب الحية صاحبة الحق، لا يمكن لها أن تنسى
أو تغفر لمن شتتها وأجرم بحقها، وبريطانيا أخطأت وأجرمت، وعلى من أخطأ أن يكفر عن
خطئه؛ بتعويض اللاجئين، والعمل على إعادتهم إلى وطنهم، وان يبادر إلى ذلك من تلقاء
نفسها؛ وإلا فان الحساب قادم؛ طال زمنه او قصر.
عذابات اللاجئين تتجدد في الضفة وغزة والقدس
والـ 48 والشتات، وحال الاحتلال الغاشم أنه لم يكتفي بما أحله باللاجئين قبل 66
عاما من قتل للأطفال واغتصاب للنساء وتدمير للبيوت على رؤوس أصحابها؛ بل ويريد ألا
يراهم على وجه البسيطة.
التبدل سنة كونية مستمرة؛ فقد نجحت دول الغرب في
زرع دولة الاحتلال في قلب العالم العربي والإسلامي كي تبقيه في حال استنزاف في
تعطل نموه وتطوره؛ بالمقابل وبعد 66 عاما باتت دولة الاحتلال عبئاً على الغرب بفعل
سياساته العدوانية وقرعها للحروب في شكل متواصل، بل وصارت عبئاً على الأمن القومي
الأميركي ذاته.
بفضل وعي الفلسطينيين وتضحياتهم؛ لم ينجح
الاحتلال في كي وعيهم ويذوب قضية اللاجئين؛ بل ما زالت حية وهي أساس القضية، ولا
بديل عن حق العودة إلى عكا ويافا وحيفا وتل الربيع...
اللاجئون يملكون قوة الحق بالعودة، وتنقصهم
القوة المادية في المرحلة الحالية، وبالتالي هم سيعودون. فالحق معهم، والقوة تتبدل
ولا تدوم حتى النهاية. والعودة باتت أقرب، بفعل تحولات وتغييرات إقليمية وعالمية.
صحيح أن الاحتلال قوي بمعداته وآلياته وغطرسته،
لكنه ضعيف بمنطقه وبأخلاقه، ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية تبقيه على الأرض
الفلسطينية. لذلك يسعى لإطالة عمر احتلاله بالبطش وفرض الوقائع على الأرض، متصوراً
أن القوة هي كل شيء، فيقوم بتغيير أسماء القرى والمدن ويزرع المستوطنات
الفلسطينية، كما نادى به مؤتمر بازل الملعون في سويسرا عام 1897؛ لكن ما حققه
الاحتلال من انجازات وهمية ما هو إلا سحابة صيف سرعان ما تزول وتتلاشى وتتبدد.
لنعتبر
من عدونا؛ كيف انه لا يختلف حول ثوابته رغم خلافاته وانقسامه الداخلي؛ وأمنه
مسلمات لا يجوز المساس بها، ومصلحة كيانه العليا فوق أي مصلحة أخرى؛ ومن هنا فنحن
أولى به بالتوحد، ووجوب سرعة المصالحة التي نأمل أن تتواصل بقوة حتى نغيظ
"نتنياهو" ومن لف لفيفه، وصولا إلى تحقيق حق العودة بطرد المحتل الغاصب
إلى مزابل التاريخ؛ "ويسألونك متى هو... قل عسى أن يكون قريبا".