وصفة فورية لإنقاذ الأقصى
بقلم: حسام شاكر
ألا يتحرّكون لأجل الأقصى؟ حسناً، إليكم الحيلة!
قولوا لأولئك القوم: إنّ "الروافض" يقتحمونه! وقولوا
للآخرين: ها هم "النواصب" يسيطرون على ساحاته! ثم ترقّبوا. ستظهر الأحزمة
الناسفة، وتتلاحق المفخخات، ستتزلزل الأرض من تحت الأقدام، وتندفع جحافل المتطوعين
عبر الحدود. سعياً إلى حسم الموقف؛ سيهرسون الخصوم في السبُل، ويسحقونهم بالأقدام،
ويسحلونهم في الشوارع، ومع كل اقتحام عابث لأداء الصلوات المزعومة؛ سيظهر أحدهم بين
الجمهرة ليطلق صيحته الأخيرة إيذاناً بتبعثر الأشلاء وتناثر الدماء من حوله. وسيدرك
جميعهم وقتها أنّ الطريق إلى القدس سالكة تقريباً، ولا تمرّ عبر الزبداني.
إن لم تعبأ جماهير الشاشات الملوّنة بما يجري؛ فلا تفوتكم
الحيلة! أفزِعوهم بالنبأ: بأنّ معشوقة الجماهير عاجزة عن إطلاق أغنيتها، فهي حائرة
في البلدة القديمة بعد أن ضلّت طريقها بين الحواجز. لن تبيت الأمّة قبل أن تشتعل التغريدات
جزعاً من هول المأساة، وستتحرك المطالب برفع الحصار عن القدس السليبة وإزاحة الحواجز
ونزع العراقيل من أرجائها، سيقرعون الطبول تحذيراً من التهاون مع إرادة الجماهير، وسينشدون
من أعماقهم: "الغضب الساطع آتٍ".
لا تقنطوا من متحدثي الشاشات الراقدة على النيل، اهمسوا في
آذانهم: ليسوا إسرائيليين أولئك الذين يقيمون الطقوس العابثة في الأقصى؛ بل هم
"إخوان"، أمرهم المرشد "من داخل القفص" باجتياز الأنفاق إلى هناك.
ستنعقد محكمة الأمور المستعجلة لتقضي بإعدامات سخيّة، ستظهر العمائم في حملة التأجيج
وتتحرّك الصلبان الرسمية، وتتلاحق فتاوى "الضرب في المليان" ودعاوى إنزال
حدّ الحرابة بالمارقين واجتثاثهم من فوق الأرض.
لا تنسَوا مَن تعلّقت أبصارهم بأحذية اللاعبين وهي تتقاذف
الكرة. قولوا للصفوف المتكدسة في الملاعب: إنّ الحشود التي تقتحم الأقصى هي في حقيقتها
"ألتراس" من مشجعي الفريق الآخر، ينازعونكم على الكأس ويزاحمونكم في الصدارة،
ويتوعّدونكم بالويل والثبور وعظائم الأمور. سيستلّون السيوف من أغمادها، ويندفعون في
الميادين بلا هوادة، وستكون مقتلة عظيمة يُسفك فيها الدم فداءً للشرف المُنتهَك.
إن لم تستفزّ الشعوبَ جوْلاتُ التدنيس في أولى القبلتين وصوْلات
العبث في ساحات الأقصى، ولم تحرِّكها الإساءات المندلقة على ألسنة الأوغاد بحقّ الرسول
الكريم (صلى الله عليه وسلم)؛ فانسجوا حيلتكم لتفور الدماء في العروق: شتائم المحتلين
قد نزلت بزعيمكم وطاولت شيخَ قبيلتكم ولحقت بعلَمكم المفدّى ونشيدكم الوطني وبساطكم
الأحمر. لن يبيتوا من ليلتهم قبل أن تثور حميّتهم وتنتفض أبدانهم، ولن يطيب لهم الرقاد
حتى يستردوا كرامتهم السليبة مهما بلغت الأثمان وتعاظمت التضحيات.
إنها الأمّة في تيهها الكبير؛ يَقِظة ومتحفِّزة. ما عليكم
سوى استبدال اللافتات بأخرى، وإعادة تعريف المهانة الكبرى في القدس لتنسجم مع قاموس
الاحتراب الداخلي ولغة التشظي المتفاقمة،.. وانتظروا المفاجأة!
المصدر: الخليج اون لاين