وفاء أحرار (٢)
بقلم: يوسف رزقة
خلال ساعات من تصريح خالد مشعل، وقادة من جيش الاحتلال عن
الأسرى اليهود في يد حماس، في الذكرى السنوية الأولى للحرب الأخيرة على غزة في عام
٢٠١٤م، امتلأت وسائل الإعلام المحلية والعربية والإسرائيلية بالتقارير والتحليلات التي
تناولت الموضوع من جوانب مختلفة.
وقد لفت نظري أمور منها:
أولاً: تزايد مشاعر الإحباط وانعدام الثقة في المجتمع الصهيوني
في قيادته، وبالذات في نتنياهو، حيث سلك طريقاً معوجاً في إخفاء الحقيقة عن الرأي العام
الصهيوني، الذي تفاجأ بمدى مصداقية إعلام حركة حماس وتصريحات قادتها في هذ الموضوع.
تراجعت الثقة في نتنياهو، ووزير الدفاع يعالون، وتساءلت شخصيات
صهيونية كبيرة عن تداعيات الاعتراف الرسمي المتأخر بوجود أسرى أحياء عند حماس على مستقبل
حكومة نتنياهو، الأمر الذي شجع بعضهم على القول بأن الاعتراف المتأخر هذا قد يسبب سقوط
الحكومة، وهو أمر غير مستبعد في ظل التركيبة اليمينية الغريبة للحكومة.
ثانياً: من المعلوم أن الأحزاب اليمينية سعت بعد صفقة وفاء
الأحرار المعروفة أيضا بصفقة شاليط، إلى تكبيل يد الحكومة، وسن قوانين تمنع تبادل الأسرى،
ونقل صلاحيات القرار في الملف إلى الكنيست. ما تم حتى الآن في هذا الموضوع يضع حكومة
نتنياهو على المحك، وفي اختبار صعب، هل تجري عملية تبادل جديدة للأسرى، أم تترك الأسرى
اليهود وجثث المقتولين عند حماس؟.
الأحزاب اليمينية المتطرفة التي سعت لسن قانون يمنع تبادل
الأسرى لكي تردع حماس عن القيام بعمليات أسر جديدة، تبدو الآن كمن لف الحبل حول رقبة
الحكومة، فالحكومة لا تستطيع السكوت عن الأسرى اليهود عند حماس لأن هذا السكوت فيه
إهدار لنظرية علو الجنس اليهودي الذي تؤمن به إسرائيل ؟! ولا تستطيع الحفاظ على التماسك
الحكومي القائم الآن إذا ما دخلت في مفاوضات تبادل أسرى. ومع ذلك فقد كلفت حكومة نتنياهو
شخصية كبيرة لإدارة ملف الأسرى عند حماس.
ثالثاً: لقد اكتشف اليهود القادمون من أثيوبيا من أصحاب البشرة
السمراء، أنهم مواطنون من الدرجة الثانية لا يتساوون مع القادمين من أوروبا، وأن التفرقة
العنصرية على أساس اللون والموطن الأصلي هي جزء من تصرفات وسلوك نتنياهو وحكومته، وقد
أعربت الجالية الأثيوبية عن هذا صراحة لوسائل الإعلام، مع إجراء موازنة بين اهتمام
حكومة نتنياهو بشاليط اليهودي الفرنسي، وإهماله لليهودي الأثيوبي وعدم كشف الحقيقة
لعائلته مبكراً.
رابعاً: لقد نشرت هذه التقارير والاعترافات الصهيونية أملاً
لدى الأسرى الفلسطينيين، وذويهم، بالحرية قريباً، وهو أمل مستحق بفضل تضحيات المقاومة
الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وغداً سيتحقق هذا الأمل واقعاً بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين
من سجون الاحتلال، ونحن على موعد مع وفاء أحرار(٢).
وفي الختام أستطيع القول بأن حماس صدقت، بينما كذب نتنياهو،
وأن وجود الأسرى عند حماس هو علامة من علامات النصر الذي تحقق في الصمود العجيب للمقاومة
والشعب على مدى واحد وخمسين يوماً.
المصدر: فلسطين أون لاين