وقف التعليم
في الأونروا قنبلة موقوتة
بقلم: ياسر علي
يعيش اللاجئون الفلسطينيون،
هذه الأيام، هاجس استمرار وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة
"الأونروا" في عملها، بعد وقف التمويل عنها هذا العام. ويقوم اللاجئون بالفعاليات
من أجل إعادة التمويل الدولي إليها. ولعلّ أولى نتائج وقف التمويل جاء في التعليم الذي
يساوي 55% من موازنة "الأونروا"، والقرار المتوقع تأجيل افتتاح المدارس حتى
بداية العام الميلادي 2016، أي بتأخير ثلاثة أشهر غير مدفوعة للمعلمين، وتأخير المناهج
عن التلاميذ.
ومما خبرناه في التعامل
مع "الأونروا"، أنها إذا استطاعت تنفيذ هذا التأجيل، من دون ردات فعل كافية
من اللاجئين، فإنها ستستسهل توقيف ماكينة التعليم للفلسطينيين كلياً، ضمن برامجها.
وقد تعمد إلى الاستعانة بميزانية التعليم المهني لدعم التعليم العادي في مختلف مراحله.
وبذلك، يقفل معهد سبلين، وتنتهي تجربة خمسين عاماً من التأهيل المهني التابع للوكالة
الأممية في لبنان. وينسحب الأمر على مناطق عملها الخمسة (الأردن، سورية، لبنان، الضفة
الغربية، قطاع غزة).
ومن آثار هذا التوقيف أن
عدد العاملين في مجال التعليم في "الأونروا" في لبنان يزيد عن ألفي موظف،
ما يعني وقف المدخول الشهري لألفي عائلة فلسطينية. ويبلغون في مناطق عملها الخمسة
(22 ألف موظف). في المقابل، سيؤدي وقف التعليم إلى كارثة تعليمية، تطال 37 ألف تلميذ
فلسطيني في لبنان (نصف مليون في مناطق العمل الخمسة)، ما يعني انتهاء حقبة الحديث عن
التسرب المدرسي، إلى الحديث عن التدفق الطارد من المدارس.
بقاء 37 ألف تلميذ في الشوارع
من دون مدارس سيخلق أزمات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية وتعليمية، فضلاً عن التجهيل
الذي سيتعرضون له، ما سيؤدي إلى انخفاض مستوى الوعي والعلم وفرص العمل في أوساط اللاجئين.
إنها البيئة الحاضنة والجاهزة
للتطرف، ففي ظل نقص الوعي، والحاجة المادية، والضغط واليأس الذي يعانيه أصلاً أبناء
اللاجئين، لن تكون الكارثة القادمة الفقر والحاجة فقط، بل سيلجأ اللاجئون الشباب إلى
مصادر سهلة، تستوعب نقمتهم وتوفّر لقمتهم وتُشعرهم بكيانهم، بدلاً من أن يكونوا على
مقاعد الدراسة. وهنا يكمن الخطر الداهم.
إنهم يدفعون شعبنا ومخيماتنا
إلى الانفجار، بسبب الضغط الشديد المتراكم منذ عشرات السنين، والضغط المتوقع في الأشهر
المقبلة من أزمة "الأونروا".
من هنا، الواجب الحتمي الذي
لا مفر منه، أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم، ويمنعوا إقفال التعليم في "الاأونروا"
أو تأجيله، لأنه سيكون قنبلة موقوتة، تنفجر في وجه الجميع. لذلك، على القيادة السياسية
والنقابية الفلسطينية إيجاد البدائل ومنع إقفال المدارس، وفتحها بالقوة، ودعوة المعلمين
والطلاب للحضور والدوام، ولو عملوا بدون رواتب (كما هددت الأونروا)، فالقادم أسوأ.
كل الخيارات مفتوحة، وإقفال
المدارس سيعني إقفال كل مؤسسات "الأونروا" قبل ذلك، ولن نسمح باستمرار العالم،
ومعه "الأونروا" في إحداث بيئة حاضنة للتطرف في مخيماتنا.