وقفة في رحاب عقل حماس المفكر..
المقادمة
بقلم: غسان مصطفى الشامي
لم تكن تسمية الصاروخ القسامي
الذي سقط على المغتصبات الصهيونية في القدس المحتلة خلال الحرب الأخيرة على غزة، باسم
"مقادمة 75 " جاء مصادفة بل له أصول وجذور تاريخية عسكرية، يعود بنا إلى
تاريخ المفكر القائد الشهيد الدكتور إبراهيم المقادمة، الذي تلوح ذكرى استشهاده العاشرة
في الأجواء وتنير الدرب نحو التقدم للإمام في مسيرة البناء والتحرير وكنس الاحتلال
عن أرض فلسطين.. لخص المفكر المقادمة رحلته في الجهاد والعطاء والبناء بدعوة الشباب
وأبناء الأمة للنهوض والعمل والبناء من أجل تحرير أرض فلسطين من دنس المحتلين..
المفكر الشهيد المقادمة هو أحد
الركائز الفكرية للبناء الشاهق للحركة الإسلامية المجاهدة في فلسطين، فقد عاصر النشأة
والفكرة والتأسيس، وجاهد مع إخوان فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني البغيض، رجلٌ على بساطته
في الحياة وتواضعه كان دقيقا و يحمل فكرا جهاديا جبارا في الدعوة الإسلامية والتربية
والتحرير وبناء الدولة، فقد كان يحرص دوما على القراءة في كتب الفقه والسيرة والتاريخ
والتراجم وإلقاء الدروس والعظات على الجيل الشاب، كما كان يحرص دوما على بناء الشخصية
الإسلامية بناء قويا وعلى أسس متينة من أجل إعداده إعدادا تربويا ودعويا ورياضيا قويا
وتجهيزه لخوض معركة التحرير المقدس..
الشهيد المفكر إبراهيم المقادمة
ابن بلدة بيت دراس الفلسطينية التاريخية العريقة التي هجر منها عام 1984م وحمل مأساة
النكبة وحمل هم دعوته وفكره وهم بناء الجيل والتحرير مع أخيه الإمام الشيخ الشهيد أحمد
ياسين حيث ساهم في وضع اللبنات التأسيسية الأولى لحركة المقاومة الإسلامية " حماس"
التي تقود المشروع الإسلامي التحرري على أرض فلسطين و بكل ما يحمله من برامج، وما البرامج
الفكرية والسياسية التي تعمل فيها اليوم حركة حماس في قيادة المشروع الإسلامي إلا من
أفكار جيل كبير من القادة الشهداء منهم الإمام الشيخ أحمد ياسين و المجاهد الدكتور
المفكر إبراهيم المقادمة والقائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أسد فلسطين والقائد النقابي
المهندس إسماعيل أبو شنب والقائد العسكري الفذ المجاهد الشيخ صلاح شحادة والشيخ الدكتور
نزار ريان والشيخ القائد سعيد صيام وغيرهم من المجاهدين المفكرين الأحياء منهم من ينتظر
ويرقبون النصر القريب وتحرير فلسطين من دنس المحتلين والغاصبين..
الرحلة الإسلامية والدعوية تطول
في حياة القائد المفكر إبراهيم المقادمة طيب الأسنان الشيخ الداعية الذي سخر عمله وفكره
وقلمه ووقته في سبيل الله وكلمة الحق وتحرير فلسطين، فهو أحد رجال الحركة الإسلامية
الذي تميز بنظراته الثاقبة و عزيمته التي لا تلين، و صموده الكبير وتضحياته وعطائه،
ولم يفكر يوما في نفسه.. كان كل همه الدعوة و تحرير فلسطين وطنه الأرض و المقدسات من
المدنسين الصهاينة.
وقد شكل المفكر الشهيد المقادمة
النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة " مجد
" هو وعدد من قادة الإخوان، وعمل على إمداد الثوار بالأسلحة، وفي عام 1984م اعتقل
للمرة الأولى بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة
وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات قضاها في سجون الاحتلال الصهيوني.
للدكتور المفكر المقادمة العديد
من الكتب والدراسات ألف بعضها وهو في داخل السجن وكان الإمام الشيخ أحمد ياسين رحمه
الله يصف بقول " كان دارسا ينام السجناء ويبقى ساهرا " ومن كتبه ودراسته
كتاب " معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين"، كما صدرت له دراسة حول الوضع
السكاني في فلسطين وهي بعنوان " الصراع السكاني في فلسطين " كما كانت له
عدة دراسات في المجال الأمني.
وأنقل لكم مقتطفات ما كتبه في
كتابه معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين :
" هذه معالم أضعها بين أيدي الشباب المسلم في فلسطين
وخارج فلسطين وتوجهت بها إلى الشباب المسلم بالذات لأن عليه يرتكز الأمل في تفهم أبعاد
هذه القضية والانطلاق بها في الطريق الصحيح.. هذه المعالم يجب ألا تغيب عن ذهن المسلمين
في طريقهم إلى تحرير فلسطين ولا يلهيهم عنها تقلبات الواقع وغدر الأنظمة وتكالب الأعداء...
إن واقعنا تعيس إذا ما قيس بقوة أعدائنا وما يدبرونه لنا من مؤامرات، المسلمون جدارة
مسفوحة... وعدوهم متكاتف غشام غير أن لي في الله أملاً أن يتولى دينه وينصر جنده ويخذل
الباطل و أهله.. وبشارات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل
هذا الأمل يقيناً راسخاً أراه رأي العين.. ولي أمل في شباب الحركة الإسلامية أن يقوموا
وينفضوا عن أنفسهم غبار النوم والكسل ويواصلوا العمل ليل نهار جهاداً في سبيل الله
وتضحية بكل ما يملكون من جهد ونفس، ومال ووقت ويخلصوا توجيه هذا الجهد لله سبحانه ويوطدوا
العزم على السير على طريق الإسلام متحدين على طريق الإسلام لتحرير فلسطين وكل الأرض
من رجس الطاغوت ".
أمام تاريخ وعطاء هذا المفكر
لا يملك قلمي إلا أن يقول " أننا اليوم كأمة عربية إسلامية وكشعب فلسطيني بحاجة
ماسة إلى هذا الفكر الرشيد وبناء جيل تحريري فريد يسير على خطى المفكر الدكتور الشهيد
إبراهيم المقادمة ".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام