أحمد الحاج علي، خاص - لاجئ نت
لنعرف أهمية يوم الأرض، وتلك الانتفاضة التي تشبه
الثورة، رغم محدودية زمنها، علينا أن نستعيد بعجالة حياة الفلسطينيين في المناطق
المحتلة عام 1948 خلال السنوات التي تلت النكبة مباشرة. حكم عسكري يحاول التحكم
بالسياسة والاقتصاد والسكان، ومن خلال ذلك توزيع النفوذ. حرب من خلال مصادرة
الأراضي، وسحب الهويات ومنح بطاقات تسجيل مؤقت.
كان الحاكم العسكري يستدعي
طالباً من أجل قصيدة للمتنبي. ويُوجّه تحذيراً لمدرسة في أم الفحم بسبب تعليق
يافطة لقول لسيدنا عمر (رضي الله عنه) اشتم منه الحاكم رائحة تمرّد. كان يُمنع
الدخول والخروج من القرية أو المدينة إلا بإذن الحاكم العسكري. وفوق كل ذلك فصل
تام لهذه الفئة الفلسطينية عن عالمها العربي، ومحاولة زرع روح الهزيمة فيها
والولاء لكيان صهيوني.
حاول الاحتلال تقسيمهم إلى
عائلات وقبائل وطوائف، هناك مسلمون ومسيحيون ودروز، وهناك مسلمون عرب ومسلمون بدو
ومسلمون شركس.. وبين المسيحيين طوائف ومذاهب، وهناك زعامات، وإيجاد لكل زعيم وحارة
قضيتها.
رغم مذبحة كفر قاسم، أدرك
الفلسطينيون في المناطق المحتلة عام 1948 أن معركتهم هي معركة من أجل الأرض أولاً،
فكانت أو حركة أسسوها أواخر الخمسينيات هي حركة الأرض،
قبل أن تنشأ عام 1972 حركة أبناء البلد.
رغم أثر النكسة عام 1967 إلا أنها كانت فرصة هؤلاء
للتواصل مع إخوانهم في الضفة وغزة، فراحوا يعبرون عن هويتهم بقوة أكبر، في الرواية
والأدب والسياسة واللغة، كانت الجرأة واضحة. شعور قوي بالهوية المشتركة والتضامن الاجتماعي، وتبلور
قيادات واعية رافضة للاحتلال.
تندلع انتفاضة يوم الأرض،
وكان يوماً لإعلان دفن جهود ثلاثين عاماً من الاحتلال لطمس الهوية. هي مفاجأة حتى
لمجلس وطني تجاهل ذكرهم في دورات عامي 1969 و 1970.
حسم يوم الأرض خيارات
الفلسطينيين في تلك المناطق المحتلة، وأن نضالهم لن يكون لتحسين أوضاعهم
الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية، بل هو نضال يتصل بأصل الهوية الفلسطينية،
واعتبارهم مكوناً أساسياً من مكونات الشعب الفلسطيني، مع ملاحظة خصوصية أوضاعهم.
يوم الأرض دفع إلى الاعتراف
بدور هذه الفئة من الشعب الفلسطيني ونضالاتها، وأهمية حضورها رغم ما عانته من
ويلات. اعتراف كان من خلال اعتبار هذا اليوم محطة تاريخية في تاريخ الشعب.
إن مشاركة هذه الفئة في
محطات نضالية لاحقة يدل على أن مزاج الفلسطينيين في المناطق المحتلة تحول تحولاً
جذرياً: المشاركة في انتفاضة الأقصى، الدعم والمساندة لانتفاضات شعبنا، حماية
المسجد الأقصى المبارك.
لقد أوجد "يوم
الأرض" حواجز نفسية مع الاحتلال، ووحد الفلسطينيين، وأفرز قيادات ستقود
النضال، وأعلن عن تطور وعي وطني، ذلك الوعي الذي حاول الاحتلال كيه بأساليب
مختلفة. خلال عملية السور الواقي (2002) صرّح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي
أنذاك الجنرال موشي يعلون بأن المطلوب هو "كي الوعي الفلسطيني" كي
"يعرف الفلسطينيون في أعماق وعيهم أنهم شعب مهزوم". لكن يوم الأرض
والاحتفال به كل عام يشير بوضوح إلى من هم المهزومون.