ياسر علي / خاص - لاجئ نت
في آذار 1976، قامت سلطات الاحتلال بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي
العربية، وخاصة في منطقة الجليل، سعياً للتضييق على القرى الفلسطينية تحت
الاحتلال.. والتفاصيل معروفة في هذا الصدد!
اجتمع رؤساء البلديات العربية في مبنى بلدية شفاعمرو في 27 آذار 1976،
ليبحثوا بشأن الإضراب الذي سينظمونه في 30 آذار، والتفّ حول المبنى الآلاف من
أبناء شعبنا هناك ينتظرون القرار، وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا
جليل". غير أن سلطات الاحتلال ضغطت على عدد من رؤساء البلديات (الأذناب)
ليصوتوا بعدم الموافقة على الإضراب. ولم يتوصّل المجتمعون إلى قرار يقضي بالإضراب.
أطل الشاعر توفيق زياد (رئيس بلدية الناصرة) من شرفة البلدية، وصاح بالجموع
المحتشدة: "الشعب قرر الإضراب"، وسط تصفيق وهتافات الجماهير، فاندلعت
المواجهات مع شرطة الاحتلال، وأدت الصدامات إلى إصابة المئات واعتقال العشرات،
فكانت هذه هي الانتفاضة الأولى في الداخل الفلسطيني، وتم الإضراب في 30 آذار 1976،
وأُعلِنَ هذا اليوم يوماً وطنياً لكل الفلسطينيين في العالم.
لم يكن من قبيل الصدفة أن يعلن عن هذا الإضراب شاعر فلسطيني، هو صاحب قصيدة
"أناديكم.. أشدّ على أياديكم.. وأبوس الأرض تحت نعالكم .. وأقول
أفديكم". إضراب أعلن عنه مثقف فلسطيني يمثل الثقافة الوطنية في تلك الأيام..
هذه الثقافة الفلسطينية الأصيلة التي انتقلت إلى أيامنا هذه، ما زالت مستمرّة في
قصائد شعرائنا وأغانينا الوطنية.
أما نحن اللاجئين، فللأرض في ثقافتنا الوطنية حيّزٌ هامٌ جداً، والأوطان تقوم على أربعة أعمدة: شعب ودين (فكر)
ولغة وأرض.
ولا تقوم الأوطان إلا بها، فإذا فقدنا الأرض، فقدنا الوطن.. من هنا انطلقت
الجملة التي تعبر عن واقعنا الثقافي، الذي يقتنع فيه كل فلسطين: للناس وطن يعيشون
فيه، إلا الفلسطيني فإن وطنه يعيش فيه.
وتنطلق أهمية يوم الأرض من أهمية الأرض نفسها، فشعبنا واحد وموحّد، عربي
اللغة والجذور، وطني الفكر والانتماء بمسلميه ومسيحييه، لا ينقصه ليكتمل سوى
الأرض. لذلك فإن الأرض ليست فقط هي الربع المكمّل لأركان الوطن، وإن يوم الأرض
ليست فقط هي الربع المكمّل لأركان الثقافة الوطنية الفلسطينية. بل إن الثقافة
العربية تولي أهمية قصوى في القيمة "للغائب حتى يرجع، وللصغير حتى يكبر،
وللمريض حتى يشفى"، فكيف إذا كان الغائب أسيراً مختطفاً محتلاً؟!
هي الأرض، وهذا يومها، قيمة وطنية ثقافية أساسية في صراعنا التاريخي مع
العدو من أجل استردادها حرةً كريمةً ومستقلةً، ليكتمل الوطن بالتحرير والعودة.