يوم الأرض ويوم الثوابت
بقلم: يوسف رزقة
يوم الأرض، ويوم الثوابت، وجهان لشيء واحد لا
يمكن الفصل بينهما، ولا يستغني أحدهما عن الآخر، ومن يحاول الفصل بينهما فهو بالتأكيد
سيمزقهما معا، لذا أقول: أحسنت الفصائل الفلسطينية في غزة حين جمعت بين يوم الأرض،
ويوم الثوابت، في احتفالية وطنية واحدة في الثلاثين من مارس في كل عام.
يوم أن طُرد أجدادنا من أرضهم بقوة السلاح، ويوم
أن تأخر مشروع تحرير الأرض المغتصبة حتى يومنا هذا، تولدت مشكلة الثوابت الفلسطينية
من مشكلة الأرض، وصارت الثوابت ميدانا للفكر، والسياسة، وفي الوقت نفسه صارت معيارا
على الوطنية، بحيث يمكن قياس وطنية الفصائل، والقيادات، والأفراد، والمشاريع، والمفاوضات،
بمدى تمسك القائمين عليها بالثوابت الفلسطينية.
إن من أهم ثوابت القضية الفلسطينية، تحرير الأرض،
وتقرير المصير، وحق العودة والتعويض، والحق في الدفاع، والكفاح، لحين تحقيق الثوابت
الفلسطينية واقعا على الأرض الفلسطينية المحررة، والسيادة الكاملة، ثمة إجماع وطني
شامل على الثوابت الوطنية الأساسية ، فلا يجوز مثلا التفريط بحق العودة، ومن يفرط به
يعد في نظر الشعب عميلا وخائنا للأمانة.
قد يختلف الفلسطينيون في الوسائل والأدوات التي
يمكن استخدامها للوصول لهدف ترسيم الثوابت واقعا على الأرض وفي حياة الناس، وقد امتحن
الشعب الفلسطيني المفاوضات المباشرة مع المحتل الغاصب للوصول من خلالها إلى ثوابته،
وانتهى في التقييم بعد عشرين سنة من المفاوضات أنها وسيلة وأداة فاشلة، وأن العدو استفاد
منها غطاء للاستيطان والتهويد، وقمع المقاومة، ووصفها بالإرهاب، واستفاد منها في عملية
تمزيق الشعب الفلسطيني، وضرب بعضه في بعض.
المفاوضات ليست من ثوابت الشعب، ولكنها أداة فشلت
في إيصال الشعب إلى حقوقه وإنجاز ثوابته. والمقاومة بأشكالها المختلفة، ومنها المقاومة
المسلحة، أداة أيضا، وليست من الثوابت، ولكنها أثبتت أنها أفضل من المفاوضات في حماية
الأرض والثوابت الفلسطينية، لذا فإن جل الشعب يتمسك بالمقاومة، ويطالب بوقف المفاوضات،
حتى لو أدى الوقف إلى حلّ السلطة الفلسطينية، التي لا تزيد عن شكل، وعن غطاء لأعمال
الاحتلال.
في يوم الأرض الثلاثين من مارس في كل عام يجري
الشعب الفلسطيني مراجعة سنوية على المستوى الشعبي لخطوات قياداته وفصائله خلال العام
المنصرم، والأعوام السالفة، وهي مراجعة معيارية ضرورية تقوم على ميزان الثوابت الفلسطينية،
التي تؤكد أن الأرض هي الجوهر، وهي الأثقل دائما.
فمن لا يملك الأرض لا يملك الوطن، ومن لا يملك
الأرض والوطن لا يملك حياة كريمة. الأرض عند الفلسطيني ليست قطعة نزرعها، أو قطعة نبني
عليها بيتا، الأرض هي الحياة، وهي الكرامة، وهي الحرية، هي أغلى ما يفقده المواطنون
بعد فقدان الدين لا سمح الله. يوم الأرض يوم وطني بامتياز، ويجدر أن يحتفى به لتجديد
الثقة بحقنا في استعادة أرضنا ووطننا، وهي استعادة محققة بإذن الله تعالى، رغم العتمة
وشدة السواد الذي يغلف الواقع من حولنا.
المصدر: فلسطين أون لاين